يعد الإمام حسن البنا: ” أعظم الشخصيات التي أثرت في فكري ومشاعري وسلوكي هي شخصية الإمام حسن البنا “[1] . هكذا قال الشيخ القرضاوي عن شيخه الإمام ” حسن البنا” رحمه الله .
لم يكن الكلام هو كلام الشيخ القرضاوي وحده , بل هو كلام الدعاة المربين والعلماء الربانيين.
لقد وصفه ” الغزالي ” رحمه الله بأنه مجدد القرن الرابع عشر الهجري .
وقال عنه الشيخ ” أبو الحسن الندوي ” الداعية العبقري ” .
وقال عنه الأستاذ “عمر التلمساني”” القائد الملهم الموهوب ” .
وما أجمل قول الشهيد سيد قطب حين وصفه بقوله: في بعض الأحيان تتبدد المصادفة العابرة كأنها قدر مقدور وحكمة مدبرة في كتاب مسطور ” حسن البنا ” إنها مجرد مصادفة أن يكون هذا لقبه … ولكن من يقول إنها مصادفة , والحقيقة الكبرى لهذا الرجل هو البناء و إحسان البناء بل عبقرية البناء ؟
وما أجمل ما قاله هو عن نفسه حين سأله أحد الصحفيين ما أنت ؟ فقال : أنا سائح يبحث عن الحقيقة , وإنسان يفتش عن معنى الإنسانية في الناس بمصباح ” ديوجين ” فنادى في الناس : ] قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [ الأنعام:162.
وكغيره أعجب القرضاوي بإمامه ” البنا”؛ بل إنه يجعل لقاءه بالبنا إحدى حادثتين مهمتين كانتا في عام واحد , الحادثة الأولى: لقاؤه بالإمام ” حسن البنا” والحادثة الثانية: وفاة أمه . [2]
وكان أول لقاء رأى فيه القرضاوي شيخه ” البنا” وهو في السنة الأولى من المرحلة الابتدائية حين زار الإمام البنا ” طنطا” , وقد أولع القرضاوي بما سمع من حديث عن الهجرة , لم تسمع أذناه مثله من قبل .
وعندما يتحدث القرضاوي عن إمامه فيصفه بأنه ” القائد المنتظر ” وأنه “رجل المرحلة ” , إنه يرى أن “حسن البنا” كان قدراً مصنوعاً، وحكمة مدبرة لبعث هذه الأمة ؛ لذا فهو يقول : كان القدر الأعلى يصنع على عينه رجلاً يعده لمهمة , ويسد به ثغرة , كان الرجل هو “حسن البنا” , وكانت المهمة هي إيقاظ الأمة من رقود , وبعثها من همود , وتحريكها من جمود , وبعبارة أخرى إحياء عقل الأمة وضميرها , وتفجير طاقاتها المكنونة بتجديد الإسلام فيها , وجمعها على رسالته , والإيمان به هدفاً ومنهاجاً للحياة , والجهاد في سبيل تمكينه في الأرض .
كانت الأمة في حاجة إلى عقل جديد , وقلب جديد , وعزم جديد , ودم جديد , وكانت في حاجة إلى أن تتجسد هذه المعاني في رجل يضع يده في يد الله, لينير له الطريق , ويهديه السبيل . [3]
ويقول أيضاً : وقد كان وضع العالم الإسلامي عامة ووضع مصر خاصة يحتاج إلى رجل ذي فكر ثاقب , وحس مرهف , وإيمان دافق , وإرادة صلبة , يشعر بما تعانيه الأمة من أمراض وآلام , ويقدر على تشخيص الداء , ووصف الدواء , ويصبر على متابعة مريضه , حتى ينتقل به من مرحلة السقام إلى العافية؛ ومنها إلى مرحلة القوة , كان هذا الرجل المنشود أو القائد المنتظر هو “حسن البنا” .[4]
ولقد كان القرضاوي حريصاً كل الحرص على سماع الإمام البنا , وقد سافر أكثر من مرة ليستمع إليه في مدن الوجه البحري بمصر , وحين يسمع القرضاوي شيخه وهو يقول : ” الناس في حاجة إلى رجل ذي قلب يفيض من قلبه على قلوب من حوله , ومن هذا الفيض الرباني يفيضون على من حولهم , وبهذا يتحولون من حال إلى حال , ويخرجون من الظلمات إلى النور” , فيعقب قائلاً : وكأن حسن البنا يتحدث عن نفسه , فهو الرجل المنشود ” ذو القلب ” , كما أنه أيضاً ” ذو العقل ” , والإسلام أبداً يقوم على القلب النقي , و العقل الذكي , وهما يثمران العزم النقي , والسلوك السوي .