ما معنى بيع الكالئ بالكالئ وما حكمه؟

 

  1. السؤال: ما المقصود بــ (بيع الكالئ بالكالئ)، وهل هذا البيع محرم أم جائز، ولماذا؟ أفيدونا مشكورين؟

ملخص الفتوى:

بيع الكالئ بالكالئ هو بيع الدين بالدين، وهو بيع محرم أجمع العلماء على ذلك؛ حيث نهى النبي صلى الله عليه ولم عنه، لاشتماله على الغرر، وما يفضي إلى الربا، كما أن فيه نوع من المخاطرة لأن المشتري يعقد على ما لا يمكن تملكه، وهذا كله يفضي إلى الخصام والخلاف.

وعليه فيحرم بيع الدين بالدين لورود النص في ذلك، ولما فيه من غرر…

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين؛

أما بعد؛

تعريف الكالئ:

فكلمة (الكالئ) كما في كتب اللغة تعني التأخير، جاء في (لسان العرب):  كلأ الدين، أي تأخر، والكالئ: النسيئة والسلفة… (لسان العرب (1/ 147)

وأما في الاصطلاح: فـــــــ (بيع الكالئ بالكالئ) هو بيع الدين بالدين نسيئة… (الموسوعة الفقهية الكويتية (34/ 146).

حكم بيع الكالئ:

وقد جاء النهي عن هذه المعاملة في أكثر من حديث، ومن ذلك ما رواه الترمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي التَّمْرِ، فَقَالَ: «مَنْ أَسْلَفَ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» (صححه الألباني)، وروي عَنِ ابْنِ عُمَرَ ” أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ” (السنن الكبرى للبيهقي (5/ 474) وضعفه الألباني)، قال ابن عرفة: تلقي الأئمة هذا الحديث بالقبول يغني عن طلب الإسناد فيه… (التاج والإكليل لمختصر خليل (6/ 232).

وقد أجمع العلماء على حرمته؛ ونقل أحمد وابن المنذر وابن رشد والسبكي وغيرهم إجماع أهل العلم على أن بيع الدين بالدين غير جائز.. (الموسوعة الفقهية الكويتية (21/ 127).

وقد فصّل وهبة الزحيلي ذلك فقال: وبيع الدين نسيئة: هو ما يعرف ببيع الكالئ بالكالئ أي الدين بالدين وهو بيع ممنوع شرعاً؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالئ بالكالئ، وقد قيل: أجمع الناس على أنه لا يجوز بيع دين بدين، سواء أكان البيع للمدين، أم لغير المدين.

مثال الأول وهو بيع الدين للمدين: أن يقول شخص لآخر اشتريت منك مداً من الحنطة بدينار على أن يتم تسليم العوضين بعد شهر مثلاً. أو أن يشتري شخص شيئاً إلى أجل، فإذا حل الأجل، لم يجد البائع ما يقضي به دينه، فيقول للمشتري: بعني هذا الشيء إلى أجل آخر بزيادة شيء، فيبيعه ولا يجري بينهما تقابض. فيكون هذا رباً حراماً تطبيقاً لقاعدة: (زدني في الأجل، وأزيدك في القدر). أما لو باع الدين بنحو آخر كأن يبيعه الألف الذي له في ذمته بمتاع كسجادة مثلاً، أو بقدر من المال يدفعه من عليه الدين، فيصح البيع؛ لأنه في معنى الصلح.

ومثال بيع الدين لغير المدين: أن يقول رجل لغيره: بعتك العشرين مداً من القمح التي لي عند فلان بكذا تدفعها لي بعد شهر أو بسلعة حاضرة (عين) لم يصح البيع، لعدم القدرة على تسليم المبيع… (الفقه الإسلامي وأدلته (5/ 3405).

العلة من تحريم هذا البيع:

والعلة من تحريم هذا البيع اشتماله على الغرر، وما يفضي إلى الربا، كما أن فيه نوع من المخاطرة لأن المشتري يعقد على ما لا يمكن تملكه، وهذا كله يفضي إلى الخصام والخلاف. قال القرافي: اشتملت المعاملة على شغل الذمتين توجهت المطالبة من الجهتين فكان ذلك سببا لكثرة الخصومات والعداوات فمنع الشرع ما يفضي لذلك وهو بيع الدين بالدين والكالئ بالكالئ… (أنوار البروق في أنواء الفروق (3/ 291).

وعليه فيحرم بيع الدين بالدين لورود النص في ذلك، ولما فيه من غرر…

هذا؛ والله تعالى أعلم…

الفقير إلى عفو ربه

أكرم كساب

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*
*