لا تيأسن فالله أكبر!!!

متى نصر الله؟ هل سيأتي النصر؟ ضاقت؟ لا أمل؟ …..

كلمات تترد على ألسنة البعض، وقد امتلأت قلوب بعضهم يأسا أو كادت، هكذا حال بعض الشباب، ولهؤلاء أقول: إن اليأس والكسل أو القنوط والملل صفات سلبية ينبغي أن تمحى من قاموس الدعاة ، على أن يحل محلها الأمل والرجاء والجد والعمل ، ولله در ابن مسعود يوم أن قال : الهلاك في اثنتين القنوط والعجب .

إن شعاع الأمل ينبغي أن يضيء جنبات كل مسلم ، وإن غيوم اليأس والقنوط والإحباط  ينبغي أن تزول بعيداً عن قلب كل موحد ، وإن شعلة الأمل ينبغي أن لا تطفئ من قلب كل داعية.

ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو في أحلك الظروف والفترات ينبع قلبه بالأمل ، ويشع فؤاده بالرجاء ، وكيف لا وهو القائل صلى الله عليه وسلم : ” لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى ” رواه مسلم.

انظر إليه وهو في مكة يوم أن جاءه خباب بن الأرت وقد كوي ظهره بالحديد فيقول للنبي e ألا تدعو لنا ؟ ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا ؟ فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن أعطاه وأعطى الدعاة من بعده درساً في الأمل فقال :  قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه فما يصده ذلك عن دينه ، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير  الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون” ( رواه البخاري).

وانظر إليه في هجرته وقد خرج طريداً وحيداً فيلحق به سراقة بن مالك فيقول له : يا سراقة كيف بك إذا ألبسك الله سواري كسرى ؟ فيقول سراقة : كسرى بن هرمز ؟ فيقول : نعم.

ولهذا اعتبر القرضاوي الأمل إكسير الحياة ، ودافع نشاطها ومخفف ويلاتها، وباعث البهجة والسرور، وهو ـ قبل ذلك كله ـ شيء حلو المذاق ، جميل المحيا في ذاته ، تحقق أو لم يتحقق. (الإيمان والحياة / ص 135).

إن الدعوة إلى الأمل ينبغي أن تكون نصب عين كل داعية ، وكم كان هو موفقاً الشهيد سيد قطب يوم أن كتب عن الأمل ، وكم كان رائعاً يوم أن جعل أحد عناوين كتبه ” المستقبل للإسلام ” . وأحسن البنا حين قال: إن حقائق اليوم هي أحلام الأمس ، وأحلام اليوم هي حقائق الغد .

ولهذا فإن واقع الإسلام المر الذي يعيشه الناس ينبغي ألا يقطع الدعاة أبصارهم عنده ويوقفوا أعينهم عليه ، مستسلمين لليأس أو القنوط ، بل ينبغي أن يؤمنوا بأن النصر قادم ، وأن الأيام دول ، وأن دوام الحال من المحال .

إن ظاهرة الأمل ينبغي أن تترآى في الأفق لكل داعية كما تترآى النجوم لأهل الأرض ، ينبغي أن يدرك الناس أن الأمل للمؤمن كالشمس بالنسبة للدنيا ، وإذا كانت الدنيا لا تقبل بغير شمس فإن الدين لا يقبل بغير أمل ، والسبب في ذلك أن هذه الأمة أمة كتب لها الخلود ، وصفة الخلود الموسومة بها هذه الأمة تقتضي أن يظل الأمل معقوداً في موعود الله مهما توالت النكبات، أو ازدادت الأزمات ، أو ادلهمت الأمور، بل هذه النكبات وتلك الأزمات لا تقطع الأمل بل تزيده ، ولا تزرع اليأس بل تقلعه.

وأختم هنا بقول القرضاوي:

صبراً أخي في محنتي وعقيدتي                ولابد بعد الصبر من تمكيـــن

ولنا بيوسف أسوة في صبــره               وقد ارتمى في السجن بضع سنين

هون عليك الأمر لا تعبـأ بــه               إن الصعاب تهـون بالتهويــن

أمس مضى واليوم يسهل بالرضا               وغد ببطن الغيب شبـه جنيــن

لا تيأسن من الزمان وأهلـــه               وتقل مقالة قانــط وحزيـــن

شاة أسمنهــا لذئب غـــادر               يا ضيعة الإعــداد والتسميــن ‍

فعليك بذر الحب لا قطف الجنى                         والله للساعين خيـر معيــــن

سنعـود للدنيا نطب جراحهــا                سنعـود للتكبيـر والتأذيــــن

ستسير فلك الحق تحمل جنــده               وستنتهي للشاطئ المأمــــون

بالله مجراها ومـرساها فهــل               تخشى الردى ، والله خير ضمين

 

 د: أكرم كساب

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*
*