هل يجوز لولي الزوجة أن يكون شاهدا على العقد؟
- السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فضيلة الشيخ، هل يجوز لولي الزوجة إن كان أبا أو غيره أن يكون شاهدا على الزواج؟ أم لا؟
ملخص الإجابة:
اتفق العلماء على أن الإشهاد على عقد النكاح شرط من شروط صحة النكاح، والجمهور على وجوب الإشهاد عند العقد، فإن كان الولي هو المباشر لعقد النكاح فلا تصح شهادته، لأن العقد يفتقد ركنا من أركانه وهو وجود شاهدين، وإما إذا كان الشهود كثرة فلا مانع من أن يكون الولي شاهدا.
الإجابة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين؛
أما بعد؛
فقد اتفق العلماء على أن الإشهاد على عقد النكاح شرط من شروط صحة النكاح، ومما استدلوا به ما رواه ابن حبان وغيره عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ، وَمَا كَانَ مِنْ نِكَاحٍ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَهُوَ بَاطِلٌ، فَإِنْ تَشَاجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» (قال الألباني: حسن صحيح).
لكن الاختلاف حاصل في وقت الإشهاد:
- أ- هل هو عند العقد.
- ب- أم عند الدخول.
والجمهور على وجوب الإشهاد عند العقد، جاء في (الموسوعة الفقهية): الحنفية والشافعية، والمشهور عن أحمد أنه لا يصح عقد النكاح إلا بإشهاد على العقد… وروي ذلك عن عمر وعلي، وهو قول ابن عباس وسعيد بن المسيب وجابر بن زيد والحسن والنخعي وقتادة والثوري والأوزاعي. والمعنى فيه صيانة الأنكحة عن الجحود، والاحتياط للأبضاع… (الموسوعة الفقهية الكويتية (5/ 46)، وقال ابن قدامة: النكاح لا ينعقد إلا بشاهدين. هذا المشهور عن أحمد. وروي ذلك عن عمر، وعلي، وهو قول ابن عباس، وسعيد بن المسيب، وجابر بن زيد، والحسن، والنخعي، وقتادة، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي… (المغني لابن قدامة (7/ 8)).
والمالكية على الندب، لكنهم قالو بوجوب الإشهاد عند الدخول، جاء في (الموسوعة الفقهية): وعند المالكية الإشهاد على العقد مستحب، لكن يشترط الإشهاد عند الدخول، فإن أشهدا قبل الدخول صح النكاح ما لم يقصدا الاستسرار بالعقد. فإن قصداه لم يقرا على النكاح عليه… (الموسوعة الفقهية الكويتية (5/ 46)، وجاء في (بلغة السالك): أصل الإشهاد على النكاح واجب وإحضارهما عند العقد مندوب. فإن حصل عند العقد فقد وجد الأمران الوجوب والندب.. (بلغة السالك لأقرب المسالك (2/ 216).
متى لا تصح شهادة الولي؟
والأصل أن شهادة الولي صحيحة إلا إذا لم يكن هناك إلا شاهد واحد، فإن كان الولي هو المباشر لعقد النكاح فلا تصح شهادته، لأن العقد يفتقد ركنا من أركانه وهو وجود شاهدين، جاء في (شرح مختصر خليل): وأشار بقوله (غير الولي بعقده) إلى أن شهادة الولي على عقد وليته لا تجوز، ولو مع غيره؛ لأنه يتهم في الستر عليها… (شرح مختصر خليل للخرشي (3/ 167). وجاء في (روضة الطالبين: وأما أبوها، فولي عاقد، فلا يكون شاهدا… (روضة الطالبين وعمدة المفتين (7/ 46).
الشهود ليسوا من يوقع؛ بل كل من حضر:
وقد يظن البعض أن الشهود من يوقعون فيما يسمى بعقد الزواج أو وثيقة الزواج، والأمر ليس كذلك، فكل من حضر ساعة العقد يعد شاهدا، ولذلك فإن تم العقد في محفل من الناس سواء كان ذلك في مسجد أ وبيت أو مكان جامع كفندق أو ما شابه فيجوز أن يكون الولي شاهدا.
وجود الخطأ يصلحه معرفة الناس فيما بعد:
ولو حدث أن شهد الولي على العقد ولم يكن موجودا غيره، فإن أخبر الناس وشهدوا بذلك كان العقد صحيحا، ولا شيء في ذلك، وخصوصا إن كان الولي لا يعلم بذلك الحكم.
والله تعالى أعلم.
الفقير إلى عفو ربه
أكرم كساب