- السؤال: فضيلة الشيخ: السلام عليكم… اقترضت من أحد الإخوة ذهبا، وقد بعت هذا الذهب، فماذا عليّ الآن؟ هل أرد له ذهبا مكان الذهب أم أعطه نقودا، وبأي سعر نحسب الذهب؟ فما الحكم بارك الله فيكم…
ملخص الفتوى:
الأصل أن يسدد الدين بمثله، فمن اقترض ذهبا رده ذهبا، ومن اقترض مالا رده مالا، ولا مانع من هذه المعاملة بشرط ألا يكون ذلك باتفاق مسبق، وأن يكون بسعر اليوم.
الإجابة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين؛
أما بعد؛
فإن الأخوة الحقيقية تقتضي أن يتعاون المسلم مع أخيه، والله تعالى يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]، وروى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” كَانَ الرَّجُلُ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ: إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، قَالَ: فَلَقِيَ اللَّهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ “،
والأصل أن يسدد الدين بمثله، فمن اقترض ذهبا رده ذهبا، ومن اقترض فضة ردها فضة، ومن اقترض مالا رده مالا، ولا يجوز الاتفاق على رد المال بغير نوعه عن الاقتراض، وذلك لعموم ما رواه الشيخان عن عُمَرَ بْن الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُخْبِرُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ».
ولكن هذا حدث أمر ما كأن تصرف المرء في الدين أو فقده، أو وجد الأسهل والأيسر له أن يرد الدين بغير نوعه فلا بأس في ذلك، وقد أقرّ النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر على مثل هذا، روى أحمد عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ، فَأَقْبِضُ الْوَرِقَ مِنَ الدَّنَانِيرِ، وَالدَّنَانِيرَ مِنَ الْوَرِقِ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، رُوَيْدَكَ أَسْأَلُكَ: إِنِّي كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ فَأَقْبِضُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، وَهَذِهِ مِنْ هَذِهِ، فَقَالَ: ” لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا، وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ ” (قال محققو المسند: إسناده ضعيف). قال الشوكاني: نيل الأوطار (5/ 186)
فيه دليل على جواز الاستبدال عن الثمن الذي في الذمة بغيره، وظاهره أنهما غير حاضرين جميعا، بل الحاضر أحدهما وهو غير اللازم، فيدل على أن ما في الذمة كالحاضر. وقال ابن قدامة: ويجوز اقتضاء أحد النقدين من الأخر، ويكون صرفا بعين وذمة، في قول أكثر أهل العلم… (المغني لابن قدامة (4/ 37).
وعليه فلا مانع من ذلك بشرطين:
- ألا يكون ذلك باتفاق مسبق.
- أن يكون بسعر اليوم.
هذا؛ والله تعالى أعلم
الفقير إلى عفو ربه
أكرم كساب