لماذا لا نقيس زواج الشيعية على زواج النصرانية واليهودية؟

لماذا لا نقيس زواج الشيعية على زواج النصرانية واليهودية؟

 

  1. السؤال: مولانا الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله، وبعد… إذا كان الزواج من الكتابية جائز، وهي التي تكفر بالله وتشرك معه غيره، فلماذا لا يجوز الزواج من الشيعية، وهي التي تؤمن بالقرآن والنبي محمد، ألا يكون الزوج منها أولى؟! أفتونا مأجورين!!!!

ملخص الفتوى:

الزواج من الكتابية وإن كان مباحا إلا أن فيه الكثير أضرار، وبخاصة على الأولاد، وتزداد الأضرار في الغرب، وهناك فروق بين الكتابية والشيعية، منها أنه جاءت به النصوص، وأن الشيعية تختلف عن الكتابية كونها تقر بالله وتؤمن بالرسول وبالقرآن، إلا أن تدعي تحريف القرآن، ويسبون الصحابة ويلعنون عائشة وحفصة، وهذا كله كفر وردة. فضلا عن كونهم يؤمن بالتقية فلا نعرف باطنهم، أما الكتابية فأمرها واضح جلي. وإذا كنا مأمورين باختيار ذات الدين فأي دين فهذه اليت تسب أبا بكر وعمر، وتلعن عائشة وحفصة… وهذا المنع من باب هجر المبتدع.

 

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين؛

فلا شك أن هذا السؤال يحتاج إلى شيء من التفصيل، وسوف أوجزه على هذا النحو:

  • الزواج من الكتابية مشروع بالكتابة والسنة:

فالزواج من الكتابية من المشروع المباح الذي جاءت به الشريعة، قال تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} [المائدة: 5]. وجاء في (الموسوعة الفقهية): ويجوز للمسلم زواج الحرائر من نساء أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى… ولأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم تزوجوا من أهل الذمة فتزوج عثمان رضي الله عنه نائلة بنت الفرافصة الكلبية وهي نصرانية وأسلمت عنده، وتزوج حذيفة رضي الله تعالى عنه بيهودية من أهل المدائن… (الموسوعة الفقهية الكويتية (35/ 26).

والحق أن الزواج من (الكتابية) وإن كان مباحا وحصل به غض البصر، إلا أن فيه الكثير أضرار، وبخاصة على الأولاد، وتزداد الأضرار في الغرب، وقد نقل القرطبي عن ابن حبيب قوله: ونكاح اليهودية والنصرانية وإن كان قد أحله الله تعالى مستثقل مذموم… (تفسير القرطبي (3/ 67)، وهو قول ينبغي الوقوف عنده، فالزواج من الكتابيات وإن كان من سبل التعايش، إلا أنه ينبغي أن ينظر إلى المآلات، فكم من زواج من غير مسلمة كانت نتيجته أن اعتقد الأولاد دين أمهاتهم، أو تركوا لاختيار دينا عند الكبر، أو ترك عبادة الله بالكلية.

  • العفة شرط أساس:

ولا شك أن العفة شرط أساس في الزواج من الكتابية، قال القرطبي: يعني العفائف.. (تفسير القرطبي (3/ 71). وقال: ومحصنة ومحصنة وحصان أي عفيفة، أي ممتنعة من الفسق… (تفسير القرطبي (5/ 120). وهو بالمناسبة شرط كذلك في غيرها من المسلمات، قال ابن كثير: أي العفائف وهو يعم الحرائر والإماء… (تفسير ابن كثير (2/ 233).

  • فرق كبير بين زواج الكتابية والشيعية:

ولا شك أن زواج الكتابية يختلف من أوجه كثيرة عن زواج الشيعية، وألخص ذلك فما يلي:

  • زواج الكتابية جاءت به النصوص، وله شروط تبيحه، فإن انتفت بطل الزواج، ومن أهمها العفة.
  • الشيعية تختلف عن الكتابية كونها تقر بالله وتؤمن بالرسول وبالقرآن، إلا أن هذا الإيمان تشوبه شوائب كثيرة، منها ادعاء تحريف الصحابة للقرآن، وخيانتهم للرسول العدنان، والتآمر على علي وفاطمة عليهما الرضوان، فضلا عن الإساء إلى الصحب إلا القليل، بل وسبهم والتطاول عليهم ورميهم بالكفر، فضلا عن سب البكرين (أبو بكر وعمر) ولعن لعائشة رضي الله عنها، ورميها بالزنا، مما يخالف صريح القرآن، وإن لم يكن هذا هو الكفر فماذا يكون الكفر؟!
  • أضف إلى ذلك أن دينهم قائم على الكذب (التقية)، وهم كما قال الله عن المنافقين: {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} [آل عمران: 167]، وما التقية إلا الكذب والنفاق، فهي عندهم فريضة من الفرائض، وركن من الأركان، كما أن (تسعة أعشار الدين عندهم قائم على التقية)، ويدعون أن (من لا تقية له فلا دين له)، بل ورد في بعض كتبهم (تارك التقية كتارك الصلاة)، ولهذا قال ابن تيمية: وقد اتفق أهل العلم بالنقل، والرواية، والإسناد على أن الرافضة أكذب الطوائف، والكذب فيهم قديم، ولهذا كان أئمة الإسلام يعلمون امتيازهم بكثرة الكذب… (منهاج السنة النبوية (1/ 59).
  • هنا يأتي سؤال مهم وهو: كيف لزوج أن يثق في امرأة تسعة أعشار دينها قائم على الكذب والافتراء والتقية؟ والحق إن من كان هذا ديدنه، وذاك معتقده؛ فلا خير في ظاهره ولا باطنه!!
  • هنا يكون القياس على هجرة المبتدع، فإذا كان المبتدع يجب هجره، فكيف بمن سب الصحب، ولعن الأمهات، وادعى تحرف القرآن…. و… و….؟!! ويكفينا في هذا آية وحديث، أما الآية فهي قوله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} [هود: 113]، قال القرطبي: هو الصحيح في معنى الآية، وأنها دالة على هجران أهل الكفر والمعاصي من أهل البدع وغيرهم… تفسير القرطبي (9/ 108). وأما الحديث فقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «سَيَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي أُنَاسٌ يُحَدِّثُونَكُمْ مَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ، وَلَا آبَاؤُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ».
  • أننا مطالبون بالاختيار لنطفنا، وقد حرص الإسلام على ذلك، فالمصر على المعصية وإن كان سنيا لا يحسن زواجه، وقد يكون في تزويجه وهو مصر على المعصية معصية، والماجن المعروف بمجونه لا يقدم على تزويجه إلا من فرط في حق رعيته، أو كان شيبها به في مجونه، ويكفينا في هذا حديثان؛ الأول: رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ “، والثاني: ما رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ» (حسنه الألباني). وأنا أسأل: هل ترضى لابنك أو لابنتك ما يسب الصحب، ويخوّن العمرين (أبو بكر وعمر)، ويلعن الكريمتين (عائشة وحفصة)؟!.

هذا؛ والله تعالى أعلم

الفقير إلى عفو ربه

أكرم كساب

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*
*