- السؤال: فضيلة الشيخ أكرم كساب؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما حكم السجائر الإلكترونية سواء كان تدخينا أو متاجرة؟ بارك الله فيكم ونفع بكم…
.
ملخص الفتوى:
تناول ما يسمى بــ (السجائر الإلكترونية) حكمه حكم (السجائر) العادية وحكم ما يسمى بــ (الشيشة أو الأرجيلة)، وذلك لما بيناه سابقا من ضرر التدخين عموما على الدين والصحة والمال والنسل.
الإجابة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين؛ أما بعد…
ما هي (السجائر الإلكترونية)؟
فقد ظهر في الأفق ما يسمى بــ (السجائر الإلكترونية) ولأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، فيجب أن نعرف أولا ما هي (السجائر الإلكترونية)، جاء في موقع (منظمة الصحة العالمية): ويوجد أنواع عديدة ومختلفة من السجائر الإلكترونية، وهي أكثر الأنواع شيوعاً من نظم إيصال النيكوتين إلكترونياً ونظم ايصال مواد غير النيكوتين إلكترونياً. وتسخّن هذه النظم سائلاً بداخلها لتكوين هباء جوي يستنشقه المستخدم. وهذه السوائل المسماة بالسوائل الإلكترونية قد تحتوي على النيكوتين أو قد لا تحتوي عليه (وإن لم تحتوي على التبغ). كما تحتوي عادة على مواد مضافة ومنكهات ومواد كيميائية يمكن أن تضر بصحة الناس… وعادة ما تحتوي انبعاثات السجائر الإلكترونية على النيكوتين ومواد سامة أخرى ضارة بكل من المدخنين وسواهم الذين يتعرضون لأهبائها بشكل غير مباشر. كما تكشف البيِّنات أن هذه المنتجات ضارة بالصحة وليست آمنة… (www.who.int/ar).
وأما خطورة (السجائر الإلكترونية) هي على الأقل بقدر خطورة تدخين السجائر التقليدية أو استخدام السجائر الإلكترونية لوحدها، ومن المحتمل أن يكون أخطر منها… (www.who.int/ar).
أدلة تحريم (السجائر الإلكترونية):
أجبت في سؤال سابق عن حرمة التدخين، وقد ذكرت الأدلة على ذلك، وأدلة تحريم (السجائر العادية) هو حكم تدخين (السجائر الإلكترونية) ومما ذكرته:
- أنه التدخين رحام لأنه من الخبائث والله يقول:{وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157].
- أنه يضر بمقاصد الشريعة جلها أو كلها، والتي هي: (حفظ الدين والنفس والعقل والمال والنسل).
- إذا كان الإسلام نهى عن دخول المسجد لمن أكل بصلا أو ثوما لخبث الرائحة، فكيف بالدخان الذي يكرهه حتى من يدخن، روى الشيخان عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ: «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ – يَعْنِي الثُّومَ – فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا».
- كما أن في التدخين اتلاف للمال الذي خولنا الله إياه، قال تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} [الحديد: 7]، وهذا الاستخلاف يقتضي حسن التصرف فيه لا مطلق التصرف، وقد جاء في الصحيحين عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ: عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ البَنَاتِ، وَمَنَعَ وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ المَالِ”.
- لا شك أن في التدخين تبذير وإسراف، والله تعالى يقول: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [الإسراء: 27].
- كما أن التدخين يستعبد الإنسان إذا أدمنه، وأعني بالاستعباد هنا أنه يحوله إلى عبد شهوة وعادة، فيكون هو المتحكم فيه وفي أفعاله.
- والتدخين يضر باقتصاد الدول، فما ينفق من التدخين كفيل بأن يعدل اقتصاد دول فقيرة، ويعلي اقتصاد دول متقدمة، كما أن في التدخين مفاسد للبدن، وقد جاءت الشريعة بحفظ البدن، ولهذا قال ربنا: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]، وفي الحديث المتفق عليه قال صلى الله عليه وسلم:”فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا”.
- وعلينا أن ندرك أن القول الفصل في حكم التدخين يعود إلى الأطباء، والفقهاء تبع لهم، فإن أقرّ الأطباء بوجود ضرر بالغ في التدخين فالقول قولهم، وعليه يبني الفقهاء حكمهم. وقد أقرّ الأطباء بما في التدخين من ضرر بالغ يلحق بالمدخن وبمن حوله، ومن ذلك ما جاء على موقع منظمة الصحة العالمية: استخدام التبغ يقتل أكثر من 7 ملايين شخص كل عام… ولا تقتصر أسباب المشاكل الصحية الخطيرة والموت الذي يصيبهم على سرطان الرئة أو مرض القلب. وتشمل بعض الآثار الجانبية الأقل انتشاراً للتبغ : تساقط الشعر، إعتام عدسة العين، التجاعيد، فقدان السمع، تسوس الأسنان، انتفاخ الرئة، تخلخل العظام، قرحة المعدة، تغير لون الأصابع، الإجهاض، الصدفية، تشوه الحيوانات المنوية، مرض بورغر…. (https://www.emro.who.int/ar/tfi/quit-now/index.html).
- تكاد تكون كلمة العلماء المعاصرين الآن على حرمة التدخين لما ثبت من أدلة يقينة على يلحقه من ضرر بالغ بالمدخن ومن حوله من بشر ومال وخلق، ولا أحسب أن أحدا مما يشهد لهم الناس بالعلم والتقوى يقول بإباحة التدخين الآن، المجامع الفقهية كمجمع الأزهر الشريف، ومجمع الفقه الإسلامي، والمجمع الفقهي… وغيرها من المجامع تقول بالحرمة الآن….
استخدام (السجائر) الإلكترونية حرام:
وبناء على ما سبق فإن تناول ما يسمى بــ (السجائر الإلكترونية) حكمه حكم (السجائر) العادية وحكم ما يسمى بــ (الشيشة أو الأرجيلة)، وذلك لما بيناه سابقا من ضرر التدخين عموما على الدين والصحة والمال والنسل.
هذا والله تعالى أعلم
الفقير إلى عفو ربه
أكرم كساب