زواج السني من الشيعية والعكس حرام أم مباح؟

زواج السني من الشيعية والعكس حرام أم مباح؟

 

  1. السؤال: فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله، أعيش في أمريكا ومعي أسرتي، وقد تعرف ابني في الجامعة على فتاة أصولها من دولة عربية، وتقدمنا لها، وبعد التعرف عليهم أدركنا أنها شيعية، فأخبرت ابني بأني كاره لهذا الزواج، فقال أريد أن أعرف حكم الدين في ذلك، والسؤال هنا: هل يجوز زواج السني من الشيعية والعكس؟

ملخص الإجابة:

الشيعة على أن أنواع منهم القريب من أهل السنة كالزيدية، ومنهم المعادي للصحب والمنكر لحفظ القرآن، منهم الداعي إلى دينه ومنهم المقلد التابع، فمن كان منهم سابا للصحابة شاتما لأمهات المؤمنين قائلا بتحريف القرآن فهذا لا يجوز الزواج منه، ومن كان غير ذلك فمحل نظر، ونحن مأمورن بتخير الزوج الدّين لبناتنا والزوجة المتدينة لأبنائنا….

 

الإجابة:

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين..

أما بعد،،،

فزواج السني من الشيعية والعكس يحتاج إلى النظر في معتقد الطرف الآخر، لأن (الحكم على الشيء فرع عن تصوره) كما قال سادتنا العلماء.

ولا شك أن الشيعة فرقة من الفرق التي تنتسب إلى الإسلام، وهم فرق كثيرة، منهم:

  • الزيدية وهم أقرب إلى أهل السنة، ومن هؤلاء الإمامان الصنعاني والشوكاني، (وقد تحرر الإمامان من هذا المذهب فيما بعد وأضحى لكل واحد منهما اجتهاده في كثير من المسائل سواء الفقهية أو العقدية)..
  • الاثنا عشرية، والإسماعيلية… وغيرهما، وهؤلاء أبعد ما يكونون في أصولهم عن معتقد أهل السنة.

ولا شك أن للشيعة من الأصول ما يخالف أهل السنة، وفي مقدمة ذلك:

  • اعتقادهم بتحريف القرآن. والله يقول: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]؛ فهل من كان هذا علمه وعمله ما زال في دائرة الإٍسلام؟! اللهم لا.
  • تكفيرهم للصحابة رضي الله عنهم إلا القليل (ستة أو أقل). قال ابن تيمية: وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر نفسا أو أنهم فسقوا عامتهم فهذا لا ريب أيضا في كفره فإنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع: من الرضى والثناء عليهم بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق وأن هذه الأمة التي هي: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} وخيرها هو القرن الأول كان عامتهم كفارا أو فساقا ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها… (الصارم المسلول على شاتم الرسول/ ص: 586). وقال السبكي في فتاويه: سب الجميع لا شك أنه كفر وهكذا إذا سب واحدا من الصحابة حيث هو صحابي؛ لأن ذلك استخفاف بحق الصحبة ففيه تعرض إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فلا شك في كفر الساب… وقد يبغض الشخص الشخص لأمر دنيوي وما أشبه ذلك فهذا لا يقتضي تكفيرا، ولا شك أنه لو أبغض واحدا منهما لأجل صحبته فهو كفر بل من دونهما في الصحبة إذا أبغضه لصحبته كان كافرا قطعا… (فتاوى السبكي (2/ 575).
  • سبهم لعدد من أمهات المؤمنين، وبالأخص عائشة رضي الله عنها، والله يقول: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ} [النور: 11]، قال ابن القيم: واتفقت الأمة على كفر قاذفها… (زاد المعاد في هدي خير العباد (1/ 103). وقال ابن تيمية: في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} قال ابن عباس: هذه في شأن عائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وهي مبهمة ليس فيها توبة، ومن قذف امرأة مؤمنة فقد جعل الله له توبة ثم قرأ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء} إلى قوله: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا}، فجعل لهؤلاء توبة ولم يجعل لأولئك توبة… (الصارم المسلول على شاتم الرسول (ص: 45).
  • اعتقادهم بعصمة أئمتهم. وهذا لا دليل عليه، بل قد نقل في مصادرهم أن عليا رضي الله عنه لم يدع لنفسه العصمة، بل هو يقول: ولا تخالطوني بالمصانعة ولا تظنوا بي استثقالا في حق قيل لي ولا التماس اعظام لنفسي، فإنه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه، فلا تكفوا عن مقاله بحق أو مشورة بعدل فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ ولا آمن ذلك من فعلى… (شرح نهج البلاغة (11/ 102).
  • ليسوا سواء:

ولكن أتباع هذه الفرق ليسوا على درجة واحدة، فمنهم:

  • الأئمة والدعاة، من الملالي وما يسمى بآيات الله… وغيرهم، وهؤلاء لا شك في كفرهم، لأنهم يعلمون الناس سب الصحابة الكرام، واتهام أمنا عائشة بالفاحشة، والله يقول: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ} [النور: 11]، قال ابن قدامة: ومن السنة: الترضي عن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين المطهرات المبرآت من كل سوء، أفضلهن خديجة بنت خويلد، وعائشة الصديقة بنت الصديق، التي برأها الله في كتابه، زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم… (لمعة الاعتقاد (ص: 40).

وتحريف القرآن، والله يقول: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]؛ فهل من كان هذا علمه وعمله ما زال في دائرة الإٍسلام؟! اللهم لا.

  • من يعلم ما في هذه الفرقة من ضلال وكفر ويعتقده، كمن يعتقد تحريف القرآن، أو يعتقد الفاحشة في أمنا عائشة، وهؤلاء كفار لا محالة، لأنهم كذبوا بصريح القرآن الذي قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، والذي قال عن أمنا عائشة: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ} [النور: 11].
  • العامي المقلد الذي لا يعلم شيئا عن دينه ولا فرقته، بل هو كما قال القرآن {وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف: 22]، لكنه لا يسب أحدا من الصحابة، ولا يلعن أمنا عائشة.
  • عقد النكاح:

أما عقد النكاح فهو باطل إذا كان الزواج من واحد من النوعين الأول والثاني، لأن كليهما يعتقد كفرا وزندقة، إما اعتقادا ودعوة، أو اعتقادا فقط.

وأما الثالث وهو العامي، فإذا لم يكن كذلك، بأنْ لم يكن يكفِّر أو يلعَن أحدا من الصحابة وبخاصة أبو بكر وعمر، ولكنه يخالف أهل السنّة في بعض المسائل الفرعية التي لا تُخرجه من دائرة الإسلام فلا يَحْرُم الزواج منه…

  • لكن!!!!!!!!

لا أوافق على هذا الزواج، ليس لبطلانه ولكن من منطلق الكفاءة والتفاهم، فالخلفية الثقافية والعقدية لا تبشر بخير في مثل هذا الزواج، لأنه كيف يتم الوفاق بين:

  • من يقول القرآن محفوظ ومن يقول القرآن محرف.
  • من يقول الصحابة رضي الله عنهم ومن يوقل: لعنهم الله.
  • من يقول: أبو بكر وعمر صاحبا رسول الله، ومن يقول: أبو بكر وعم هما الطاغوت الذي قال عنه القرآن {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [البقرة: 256].
  • من يقول عائشة أمنا وزوج نبينا، ومن يقول: عائشة زانية فاجرة كافرة.

ولابن تيمية كلام في (الفتاوى) جاء فيه: الرافضة المحضة هم أهل أهواء وبدع وضلال ولا ينبغي للمسلم أن يزوج موليته من رافضي وإن تزوج هو رافضية صح النكاح إن كان يرجو أن تتوب وإلا فترك نكاحها أفضل لئلا تفسد عليه ولده. والله أعلم…. (مجموع الفتاوى (32/ 61).

وابن تيمية هنا جعل فرقا بين كون الزوج سنيا وكون الزوج شيعيا، فهو يرفض زواج السنية من شيعي، لكنه يوافق على زواج السني من الشيعية، وكأنه يرى الرجل أقدر على حفظ دينه من المرأة، ولكني لا أوافق شيخ الإسلام في ذلك، لأن الواقع يؤكد كم من امرأة أكثر صلابة من الرجل، وأكثر حرصا على معتقدها من كثير من الرجال، بل وفي عصرنا كم يؤتى الرجال من النساء وهم  لا يشعرون؛ بل هناك مؤامرات حيكت من قبل نساء كن على غير ملة الإسلام أو على غير معتقد أهل السنة.

وللقرضاوي كلام جيد في هذا فيقول حين سئل: هل يجوز أن يتزوج مسلم سني من فتاة مسلمة شيعية؟ فأجاب قائلا: من الأفضل زواجه من سنية مثله لأن الزواج من مذهب مختلف يسبب خلافات كثيرة بينهما، ومن ناحية الجواز يجوز، ولكنه ليس بالزواج المثالي، ومن الأفضل إن رغب بها وكان لابد من زواجه من شيعية أن لا تكون متعصبة للشيعة لا هي ولا أهلها، وأن تكون من الشيعة السهلين الذين يدخلون المساجد ويصلون مع السنيين ويحضرون الخطب ولا تفرقهم عن بعض، فإن كانت كذلك فلا بأس. (https://www.al-qaradawi.net ).

  • الشيعة يرون بطلان الزوج من السني:

وللعلم فإن الشيعة لا يرون الزواج من السنة، وبلغتهم (الناصبي) وهو الذي يناصب العداء لأئمتهم، وممن قال بالمنع عندهم السستاني، يقول عليه من الله ما يستحق: يجوز زواج المؤمن من المخالفة غير الناصبية كما يجوز زواج المؤمنة من المخالف غير الناصبي على كراهه. نعم إذا خيف عليه أو عليها الضلال حرم  هذا…

فإذا كان القوم يرون كراهة هذا الزواج، فما بال البعض منا يرى إمضاء هذا الزواج، ولا يرى في ذلك غضاضة وفيه ما فيه من الضرر؟!

والله تعالى أعلم.

الفقير إلى عفو ربه

أكرم كساب

 

 

 

 

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*
*