THIS IS MY WAY I DO INVITE TO ALLAH ON EVIDENCE CLEAR

موقع الدكتور أكرم كساب تحت الإعداد .. انتظرونا قريبا

03 

النصاري في القراّن والسنة عبر التاريخ

هنا هو مربط الفرس –كما يقولون-؛ فما يذكر الدين عند بعض الساسة إلا واشمئزت نفوسهم ضجرا، وضاقت قلوبهم حقد وكمدا، ولا تذكر السياسة عند بعض المتدينين إلا واستنكروا حديثا خوفا وطمعا، أو أداروا ظهورهم ترفعا مصطنعا، وبين هؤلاء وهؤلاء يقع الحق شرعا سائغا للمهتدين.

ولأن هذا الموضوع مهم، وقد ولغ فيه بعض المتطفلين وقاءوا فضلات الغرب التي تجرعوها بقصد وبغير قصد، فجردوا الإسلام من خصيصة من أخص خصائصه وهي الشمول، لهذا أفردت هذه العلاقة بمبحث مستقل، وسيكون الحديث فيه من خلال هذه النقاط:

  1. لا مشكلة بين السياسة الشرعية والدين:

أمر مهم ينبغي التنبيه إليه وهو: أنه لا مشكلة بين السياسة الشرعية مطلقا، لأن السياسة الشرعية جزء من الدين، والدين متضمن للسياسة الشرعية، فلا تكون السياسة شرعية إلا إذا كانت نابعة من الدين، ورضعت من أثداء شريعته الغراء، واعترفت من بحورها الفياضة، وترعرت تحت ظلالها الوارفة، ولا يكون الدين كاملا إلا إذا ضم السياة تحت جناحيه، ورعاها بتعاليمه الشاملة وتوجيهاته الكاملة.

  1. لا بد للرسالات الكبرى من دولة ترفع رايتها:

هناك علاقة بين الدعوة (الرسالة) والدولة (القوة)، هذه العلاقة تتقارب وتتباعد، وتتجاذب وتتنافر حسب ما يقر في قلب الدولة (القوة) مما جاءت به (الدعوة (الرسالة)، ومن ثم فإن الدعوة (الرسالة) تمثل روح الدولة (القوة) حين تؤمن الثانية بما جاءت به الأولى، وفي نفس الوقت فإن الدولة (القوة) تمثل السلطان الذي يقهر الناس إلى تنفيذ ما جاءت به الدعوة (الرسالة) حين يتمرد الناس على الأوامر، وهذا معنى كلام عثمان رضي الله عنه: إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن[1].

وكما أن الدعوات لا بد لها من قوة تحميها وتدافع عنها، فإن كل رسالة ودعوة بحاجة إلى دولة ترفع رايتها، وتدافع عنها، ترفع رايتها حتى تصل للناس، وتدافع عنها إذا اعترض طريقها أحد مناوئيها.

وقد يقول البعض ألم يقتل نبي الله يحيى وأبوه زكريا؟

والجواب كما يقول عبد الغفار عزيز: هذا لم يحدث لأصحاب الرسالات الكبرى لأن الله كان لا بد أن يتعهد هذه الرسالات ويمنع عن أصحابها الأذى وليس في تاريخ الأديان ما يثبت أن صاحب رسالة قد قتل… وقد تكفل الله لأصحاب الرسالات الكبرى بتمكينهم من تبليغ هذه الرسالات وحفظهم ونصرهم، ولذلك كانت النهاية الإلهية لكثير من  أقوام هؤلاء الرسل:

  • إعلان الحرب ضد هذه الأقوام إما بعذاب دنيوي مؤقت كما حدث مع قوم فرعون قبل إغراقهم.
  • إبادة كاملة كما حدث لقوم نوح ولوط عليهما السلام.
  • أو بانتصار الرسول بعد حرب كما حدث لموسى وداود وسليمان ومحمد عليهم السلام[2].

[1] البداية والنهاية/ ابن كثير (2/ 10).

[2] الدعوة الإسلامية بين التنظيم الحكومي والتشريع الديني/ عبد الغفار عزيز/ ص 29 وما بعدها باختصار.